
أدت الحرب الدائرة في قطاع غزة إلى توقف شبه كامل لقطاع التعليم، مع عواقب وخيمة على الطلاب والمعلمين والأسر. وقد أدى تدمير المدارس والنزوح والصدمات النفسية إلى خلق أزمة إنسانية تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة، بحسب أحدث تقرير صادر عن يونيسف ومجموعة التعليم
أما في الضفة الغربية، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، اتسم المشهد ما بعد التصعيد بتقلبات متزايدة، مع انتشار التفاوتات المنهجية والحواجز المرتبطة بالصراع والعمليات العسكرية التي تفاقم الأزمة. ويستمر مستوى الشدة والوحشية في الارتفاع مما فرض تحديات إضافية للوصول إلى التعليم الآمن في العديد من مناطق الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
الصراع يعيق آلاف الأطفال عن مواصلة تعليمهم
في 21 يناير/كانون الثاني 2025، بدأت العمليات العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية في جنين، وكانت أطول عملية في الضفة الغربية منذ أوائل القرن الحادي والعشرين. وقد نزح عشرات الآلاف من الأشخاص من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس للاجئين، التي أصبحت شبه مهجورة. أدت هذه العمليات المتصاعدة في الضفة الغربية إلى تعطيل الدراسة بشكل خطير، وتعريض سلامة الأطفال للخطر، وأدت إلى نزوح وإغلاق وهدم المدارس، وتدمير البنية التحتية، واكتظاظ الفصول الدراسية، ونقص الموارد التعليمية، وصدمات نفسية لآلاف الطلاب والمعلمين. بالإضافة إلى ذلك، وُضع ما مجموعه 849 حاجزًا إسرائيليًا أمام حركة التنقل في جميع أنحاء الضفة الغربية، مما يؤثر على وصول الأطفال والمعلمين الآمن إلى المدارس.
أقرأ أيضًا|أونروا: الضفة الغربية تشهد أكبر موجة تهجير قسري منذ حرب 1967
تشمل العوائق التي تحول دون الوصول إلى التعليم نقص اللوازم المدرسية، وعوائق الطرق، ونقص المواصلات العامة. في منطقة جنين، بينما تمكن بعض الأطفال النازحين الذين يعيشون في مساكن مستأجرة من التسجيل في المدرسة الحكومية، لا يزال آخرون لا يذهبون إلى المدرسة، سواء بسبب نقص المساحة أو عدم الرغبة في الانضمام إلى النظام الحكومي. أفاد الأطفال الذين كانوا يتابعون الفصول الدراسية عبر الإنترنت بوجود عوائق شديدة بسبب نقص الهواتف وأجهزة الكمبيوتر الكافية، وعدم استقرار اتصال الإنترنت وارتفاع تكلفته.
أوامر إغلاق 6 مدارس تابعة لأونروا
في 8 أبريل/نيسان 2025، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلية أوامر إغلاق، سارية المفعول بعد 30 يومًا، لست مدارس تديرها الأونروا في القدس الشرقية. سيؤثر هذا القرار فورًا على ما يقرب من 800 طالب وطالبة فلسطينيين مسجلين في هذه المدارس، ومن المرجح أن يفوتوا إكمال العام الدراسي الحالي. كما أنه يُرسي سابقة خطيرة تُعرّض المستقبل التعليمي لعشرات الآلاف من أطفال اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة للخطر.
هناك أكثر من 47 ألف طفل لاجئ فلسطيني مسجلين في 96 مدرسة تابعة للأونروا في الضفة الغربية، يقيم العديد منهم في المخيمات وغيرها من البيئات الهشة. ونظرًا لأن مدارس الأونروا تُشكل بالفعل مساحةً آمنةً وخدمةً حيويةً في ظل الأزمات الطويلة الأمد، فإن أي تهديد لاستمراريتها يُفاقم التحديات التي يواجهها الأطفال والأسر بالفعل، مما يضيف حالةً من عدم اليقين وعدم الاستقرار والخوف إلى حياتهم اليومية.
أقرأ أيضًا|حظر أونروا.. ادعاءات باطلة وقرار مخالف للمواثيق الدولية يحرم مليوني إنسان من الحق في الحياة
بالنسبة لأطفال اللاجئين الفلسطينيين، وخاصةً أولئك الذين نشأوا في مخيمات اللاجئين في جميع أنحاء الضفة الغربية، يُوفر التعليم شريان حياة: شعورًا بالاستقرار والحماية والأمل في مواجهة انعدام الأمن والصعوبات المستمرة. إن الخوف من امتداد عمليات إغلاق مماثلة لتشمل مدارس أخرى تابعة للأونروا في الضفة الغربية وخارجها يثير مخاوف جدية بشأن تآكل فرص حصول جيل كامل من الأطفال على التعليم. فهذا لن يُعطل تعلم الأطفال فحسب، بل سيُقوّض أيضًا رفاههم ونموهم وآفاقهم المستقبلية.
أكدت مجموعة التعليم أن إغلاق المدارس وهدمها يُشكلان تهديدًا خطيرًا للحق في التعليم، ويُعرّضان دور التعليم في تعزيز الكرامة والمرونة والأمل للخطر.
ولذلك، دعت مجموعة التعليم إلى:
- المناصرة – موقف فوري وموحد من المجتمع الدولي، والجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية، والشركاء الإقليميين، لمعارضة إغلاق المدارس وتعطيل عملية التعلم علنًا، والدفاع عن حق كل طفل في التعليم.
- إجراءات فورية – تدابير سريعة لضمان عدم انقطاع الأطفال المتضررين من إغلاق المدارس وهدمها عن التعلم. يشمل ذلك الدعم اللوجستي والفني والنفسي والاجتماعي للطلاب والمعلمين والمدارس المتضررين، مع الحفاظ على بيئات مدرسية آمنة ومنع أي فجوة في تقديم الخدمات.
- دعم مستدام – دعم واضح وصريح لاستمرار خدمات الأونروا التعليمية في القدس الشرقية وفي جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى التزام مالي وسياسي معزز تجاه الأونروا لضمان استمرارها في تنفيذ ولايتها في تعليم وحماية أطفال اللاجئين الفلسطينيين. يُحث المانحون والشركاء والوكالات على التنسيق الوثيق لاستدامة الخدمات التعليمية والاستثمار في استمرارية التعلم على المدى الطويل في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكدت على أنه الآن، أكثر من أي وقت مضى، يجب ألا يكون الأطفال ضحايا للقرارات السياسية. إن إعادة بناء النظام التعليمي، وتلبية الاحتياجات النفسية للطلاب، وضمان الوصول إلى التعلم هي خطوات حيوية.