
يواجه 2.4 مليون إنسان مدني في قطاع غزة التجويع والمجاعة، بعد إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المعابر مطلع مارس الماضي ولمدة تزيد عن 70 يومًا، الأمر الذي تسبب في توقف وإغلاق المخابز من مدة تزيد عن 40 يومًا، كما منع إدخال 39 ألف شاحنة مساعدات ووقود ودواء، بحسب بيان لمكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة.
كما يواجه 65 ألف طفل في قطاع غزة أخطار سوء التغذية الحاد، وباتت المجاعة تفتك على نحو متسارع بعشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية، وسط انعدامٍ تام للغذاء، وتعطّل متواصل لمرافق الصحة، وفقدان معظم الأدوية والمستلزمات الطبية، بفعل الحصار ومنع الإمدادات من قبل الاحتلال..
الشيء الوحيد الذي يدخل غزة هو القنابل
وفي السياق ذاته قال المتحدث باسم يونيسف جيمس إلدر إن الشيء الوحيد الذي يدخل غزة آلان هو القنابل، فيما تم كل ما يلزم لبقاء الطفل على قيد الحياة، وبطرق عديدة، تم حظره، واصفًا الأمر بأنه انهيار أخلاقي عميق، ولن ينجو أحد من ثمن هذه اللامبالاة.
جاء تعليق المتحدث باسم يونيسف بعد الإعلان عن خطة أمريكية- إسرائيلية مزمع تقديمها لمجتمع العمل الإنساني بشأن توزيع المساعدات في قطاع غزة.
وبحسب ما نشرته وسائل إعلامية فإن الخطة المقدمة تُجنب مؤسسات الأمم المتحدة تولي مسئولية توزيع المساعدات الإنسانية والغذائية، على أن يتم إنشاء منظمة جديدة تتولى عملية توزيع المساعدات ويوفر لها جيش الاحتلال الإسرائيلي الغطاء الأمني.
وبرر وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي جدعون ساعر، تولي وكالة أخرى توزيع المساعدات، بأن المساعدات تقع في يد حماس وهي من تتولى توزيعها، وصرح أنه إذا استمرت المساعدات في الوصول إلى حماس فإن الحرب في غزة ستستمر إلى الأبد.
خطة تزيد من معاناة الأطفال والأسر
وعلق جيمس إلدر، المتحدث باسم يونيسف قائلًا: إنه بعد تحليل دقيق، يبدو أن تصميم الخطة التي قدمتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي للمجتمع الإنساني سيزيد معاناة الأطفال والأسر في قطاع غزة، وإنها تخالف المبادئ الإنسانية الأساسية، بما في ذلك من خلال “استخدام تقنية التعرف على الوجه كشرط مسبق للحصول على المساعدات”.
أضاف: أن الخطة تحرم الفئات الأضعف التي لا تستطيع الوصول إلى المناطق العسكرية المقترحة من المساعدات، وتُعرّض أفراد عائلاتهم لخطر الاستهداف أو الوقوع في مرمى النيران المتبادلة أثناء تنقلهم من وإلى هذه المناطق.
أقرأ أيضًا|أونروا: نصف الأدوية الأساسية في غزة نفدت أو متوفرة بكميات قليلة
وأكد على أن “استخدام المساعدات الإنسانية كطُعم لإجبار السكان على النزوح، وخاصة من الشمال إلى الجنوب، سيخلق خيارا مستحيلا بين النزوح والموت”.
وفقا للخطة المُقدمة، لن يتم توصيل سوى 60 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة يوميا، وهو ما يمثل عُشر ما كان يسلم خلال وقف إطلاق النار، وهي غير كافية “لتلبية احتياجات 2.1 مليون شخص منهم 1.1 مليون طفل، بحسب تصريحات إلدر.
وذكر إلدر هناك بديلا بسيطا لذلك، وهو “رفع الإغلاق، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وإنقاذ الأرواح”.
وتعقيبا على قضية تحويل المساعدات، قال إن مسألة سبب منع المساعدات تطرح نفسها. وتساءل: “حتى لو قبلنا الادعاء كما هو، ماذا عن الحاضنات؟ لدينا عدد كبير من الأطفال الخدج يولدون بسبب الضغط على النساء الحوامل في غزة. وهناك العشرات من الحاضنات على الجانب الآخر من الحدود”.
وأشار إلى أن المساعدات التي تمنع من الدخول تتضمن اللقاحات وأسطوانات الأكسجين والكتب المدرسية، وأضاف: “بمجرد أن تبدأ في التعمق في الأمور التي يتم حظرها تحت بيان شامل لتحويل مسار المساعدات، فعندها نبدأ في رؤية الحقيقة”.
“التقاعس واللامبالاة” هما سمة الأحداث الجارية في غزة
فيما قالت جولييت توما مديرة الاعلام والتواصل في الأونروا: إنه لا مفر لأهل غزة حيث إن “الموت يلاحقهم أينما ذهبوا، فلا مكان آمن في غزة”.
أضافت: أن “التقاعس واللامبالاة” هما سمة الأحداث الجارية في غزة، “كأننا نُطبـّع نزع الإنسانية، ونتغاضى عن الجرائم التي بثّت مباشرةً أمام أعيننا، وتحت أنظار العالم. تُقصف العائلات في غزة، ويُحرق الأطفال أحياء، ويتضور الناس جوعا”.
أكدت على أن الجوع ينتشر في غزة، وحتى الطوابير الطويلة لاستلام القليل من الطعام الذي كان يوزع “اختفت الآن” بسبب نفاد الطعام. وقالت إنها تلاحظ خلال حديثها مع زملائها الأمميين في غزة عبر الفيديو “أنهم يفقدون الوزن”.
مستحيل استبدال أونروا
كما أعادت التأكيد على إنه “من المستحيل” استبدال الأونروا في غزة، فهي أكبر منظمة إنسانية في القطاع ولديها أكبر انتشار. أن أكثر من عشرة آلاف موظف “يعملون على إيصال ما تبقى من الإمدادات” وإدارة ملاجئ العائلات النازحة، بما في ذلك المدرسة التي تعرضت للقصف في وقت سابق من هذا الأسبوع والتي قتل فيها 30 شخصا.
وعرضت توما دور الأونروا ومنظمات الإغاثة الأممية، قائلة: خلال وقف إطلاق النار، تمكنت الأمم المتحدة من إدارة وإيصال المساعدات إلى سكان غزة بنجاح، مضيفة أن الأونروا تدعم السكان هناك منذ سنوات عديدة قبل الحرب الحالية. وأضافت: “هناك نظام [إنساني] قائم، إذا كانت هناك إرادة سياسية لجعله يعمل مجددا”.
كما أدارت الوكالة المساعدات التي أدخلتها إلى غزة بنفسها، ولم تشهد أي تحويل للمساعدات (عن الغرض المحدد). وحتى مع الإبلاغ عن مزاعم تحويل للمساعدات، فقد بدأت الأونروا تحقيقات في هذه التقارير التي “يصعب للغاية دحضها” حيث تُمنع وسائل الإعلام الدولية من تغطية الأحداث في غزة بشكل مستقل.
الأونروا وحدها لديها أكثر من 3000 شاحنة محملة بالمساعدات عالقة خارج غزة، “وبالتالي بدلا من ذهاب الطعام إلى الأطفال أو ذهاب الأدوية إلى المصابين بأمراض مزمنة، من المرجح أن يضيع ذلك. إن الوقت يمر. يجب إعادة فتح المعابر، ويجب رفع الحصار في أسرع وقت ممكن”.
الإمدادات الطبية تشمل سريعًا
فيما قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، الدكتورة مارغريت هاريس: إنالنظام الصحي في غزة لم يشهد أي تحويل للمساعدات. إن إمدادات المنظمة تصل إلى المرافق الصحية التي كانت تهدف إلى خدمتها، “الأمر لا يتعلق بفشل إيصال المساعدات داخل غزة، بل بمنع إدخالها”.
أوضحت: أن الإمدادات الطبية والأدوية تنفد بسرعة شديدة مع تزايد الحاجة إليها بسبب الظروف المعيشية المزرية واستمرار القصف.
ويحتاج أكثر من 10 آلاف 500 مريض في غزة يحتاجون إلى إجلاء طبي عاجل، من بينهم أربعة آلاف طفل، ومع ذلك، لم يتم إجلاء سوى 122 مريضا منذ استئناف الأعمال العدائية في 18 مارس/آذار.
بينما طالب مكتب الإعلام الحكومي بإرسال بعثات تحقيق دولية مستقلة لتوثيق هذه الجرائم ومحاسبة قادة الاحتلال “الإسرائيلي” عنها أمام القضاء الدولي، واتخاذ إجراءات ملزمة لوقف العدوان والإبادة على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، وإنفاذ قواعد القانون الدولي الإنساني.
ووصف استمرار الصمت الدولي بأنه يعدُّ تواطؤاً صريحاً، ويساهم في ترسيخ سياسة الإفلات من العقاب، ويشجع الاحتلال على التمادي في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق شعب أعزل ومحاصر.