تقاريرحقوقشكاوىمنظمات

ميليشيا الدعم السريع تقتحم مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور وآلاف الأفراد فروا هاربين

اقتحمت مجموعات مسلحة تابعة لميليشيا الدعم السريع مخيم زمزم للنازحين في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بالسودان.

 

تحاصر الميليشيا المسلحة المدينة منذ أبريل 2024، وتمنع وصول المساعدات الإنسانية والغذائية، وسط تأكيدات من الأمم المتحدة على انتشار المجاعة في مخيمات النازحين في دارفور، كما أصدرت منظمة أطباء بلا حدود في وقت سابق من عام 2024 بيانًا أكدت في فيه أن المجاعة أصبحت أمرًا واقعًا في مخيم زمزم للنازحين.

 

تصاعدت أعمال العنف من قبل الميليشيا المسلحة في ولاية شمال دارفور بعد سيطرة الجيش السوداني على العاصمة الخرطوم واقتحام القصر الرئاسي في مارس/آذار الماضي. وتقول منظمة الهجرة الدولية إن قرابة 16 ألف شخص أصبحوا نازحين داخل ولاية شمال دارفور.

 

كما يأتي تصاعد الهجمات بالتزامن مع مرور عامين على بدء الصراع في السودان بين ميليشيا الدعم السريع والجيش السوداني في 15 أبريل، والذي تسبب في نزوح قرابة 13 مليون شخص، نصفهم من النساء والأطفال، فر منهم حوالي 3 ملايين عبر الحدود، استقبلت مصر مليون ونصف مُهجر منذ بداية الصراع في 15 أبريل 2023، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين.

 

اقتحام مخيم نازحين في الفاشر

نفذت ميليشيا الدعم السريع يوم 11 أبريل/نيسان 2025 هجومًا بريًا على معسكر زمزم للنازحين، سبقه قصف بالمدفعية الثقيلة، وتسبب الهجوم في سقوط عدد من الضحايا وأجبر المدنيين على النزوح، كما استُهدفت البنية التحتية للمعسكر، بما في ذلك المرافق الصحية ومصادر المياه، واستهدفت العاملين في الحقل الإنساني.

أسفرت الهجمات عن مقتل أكثر من 500 مدني بينهم أطفال ونساء وشيوخ وجرح قرابة 1000 مدني، بعضهم في حالات حرجة محرومة من أي فرصة لتلقي العلاج، وسط انهيار كامل في النظام الصحي وشحّ فادح في الإمدادات الطبية، بحسب بيان صادر عن مرصد مشاد لحقوق الإنسان.

أقرأ أيضًا|يشربون مع البهائم ويأكلون الجراد.. دارفور تعيش مجاعة تقتل الأطفال والنساء

وذكرت مشاد في بيانه أنه تم اعتقال أكثر من 1200 مدني بشكل تعسفي دون أي سند قانوني، حيث جرى اقتيادهم إلى أماكن مجهولة، في ظروف ترقى إلى جريمة الإخفاء القسري والتعذيب، على خلفيات إثنية.

كما سجلت مصادر المرصد الميدانية وشهادات الناجين نحوا أكثر من 47 حالة اغتصاب موثّقة لفتيات، من بينهن قاصرات دون سن الخامسة عشرة، بالإضافة إلى اختطاف أكثر من 94 امرأة وفتاة نُقلن قسرًا إلى وجهات مجهولة. وتُعد هذه الجرائم، بما فيها الاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي والاختفاء القسري، من أبشع انتهاكات القانون الدولي، وترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

 

يضيف المرصد أن الميليشيا أعدمت 184 شابًا بينهم أطفال أمام أسرهم، واضطر آلاف المدنيين إلى الفرار سيرًا على الأقدام دون مياه وغذاء أو مأوى. كما سُجّلت حالات وفاة جماعية بين الأطفال وكبار السن نتيجة الجوع والعطش والإرهاق، في ظل انعدام تام للرعاية الصحية وغياب أي استجابة إنسانية عاجلة.

 

وتشير تقديرات مرصد مشاد إلى أن أكثر من 100 ألف مدني نزحوا قسرًا إثر الهجوم، يعيشون الآن في العراء وتحت رحمة الظروف القاسية، في محيط مدينة الفاشر والمناطق النائية المجاورة.

 

انتهاكات جسيمة ونازحين يفرون جوعى وعطشى

فيما ذكر بيان للمنسقية العامة للنازحين واللاجئين في السودان، صدر أمس 14 أبريل/نيسان 2025 أن عمليات النزوح من الفاشر ومخيماتها والمناطق المحيطة بها إلى منطقة الطويلة الخاضعة لسيطرة حركة جيش تحرير السودان لا يزال مستمرًا.

أوضحت المنسقية أن النزوح الجماعي على شكل موجات وأعداد كبيرة بسبب الحرب والجوع وغلاء المعيشة وأزمة المياه في الفاشر ومخيماتها.  كما بلغت معاناة نازحي مخيم زمزم ذروتها، إذ يعانون من الجوع والعطش والمرض، فضلًا عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من قبل أطراف النزاع، تشمل القتل المباشر، ومنع النازحين من مغادرة المخيم، وتجريدهم من ممتلكاتهم، وضربهم بالسياط، واحتجازهم، أو اتهامهم بالتعاون مع طرف أو أكثر من الأطراف المتحاربة.

 

وفي منطقة طويلة تبذل المجتمعات المحلية والسلطة المدنية التابعة لحركة تحرير السودان والمنظمات جهوداً حثيثة لمساعدة هؤلاء الضحايا، حيث يقطعوا مسافة عشرة كيلومترات خارج المدينة لاستقبال النازحين وتزويدهم بمياه الشرب، ونقل المرضى والجرحى. إلا أن الوضع في غاية الصعوبة، حيث لقي بعض النازحين حتفهم عطشاً وجوعاً ومرضاً وبالصدمات النفسية، بحسب منسقية اللاجئين والنازحين.

مقتل عمال إغاثة

وعلقت ماريون رامشتاين، منسقة الطوارئ الميدانية لمنظمة أطباء بلا حدود في شمال دارفور، قائلة: “بعد تعرّضهم للتجويع والقصف والحرمان من المساعدة المنقذة للحياة، يتعرض الناس في مخيم زمزم للنازحين، بالقرب من الفاشر، للهجوم مرة أخرى. حيث شنت قوات الدعم السريع والجماعات المسلحة المتحالفة معها هجوماً برياً واسع النطاق في 11 أبريل/نيسان. وهناك تقارير عن فرار الناس إلى جميع الاتجاهات ووقوع العديد من الضحايا، على الرغم من أننا لا نستطيع التحقق من عددهم في الوقت الحالي”.

في فبراير/شباط، اضطرت منظمة أطباء بلا حدود إلى تعليق جميع أنشطتها في المخيم بسبب تصاعد المشكلات الأمنية. فالقصف المتكرر، وإطلاق النار على سيارات الإسعاف لدينا، والحصار المشدد الذي منعنا من إعادة تزويد المرافق وإرسال الموظفين، جعل من المستحيل على أطباء بلا حدود مواصلة العمل في زمزم على الرغم من الاحتياجات الهائلة.

 

أضافت: “قٌطعت شبكة الاتصالات مع زمزم. وليس لدينا أخبار عن العديد من الأشخاص الذين عملوا معنا وقرروا البقاء مع أقاربهم في المخيم بعد تعليق عمل مستشفانا الميداني. وينتابنا الذعر مما يتعين عليهم تحمله، وقلقون للغاية عليهم وعلى مئات الآلاف من الناس الذين يواجهون مصاعب جمة وبالكاد يمكنهم العيش في المنطقة. وقد فزعنا عندما علمنا بمقتل 9 موظفين من منظمة الإغاثة الدولية. والتي كانت المنظمة الإنسانية الدولية الوحيدة التي لا تزال تعمل في زمزم”.

 

في 12 و13 أبريل/نيسان، شاهد فريق المنظمة في طويلة أكثر من 10 آلاف شخصاً يفرون من زمزم والمناطق المجاورة. وصلوا وهم في مرحلة متقدمة من الجفاف والإرهاق والإجهاد. وليس معهم سوى الملابس التي يرتدونها، لا شيء للأكل، لا شيء للشرب. ينامون على الأرض تحت الأشجار. وأخبرَنا العديد من الأشخاص أنهم تركوا أفراداً من أسرهم وراءهم – حيث فُقدوا أثناء الهروب أو أصيبوا أو قتلوا.

 

أقامت منظمة أطباء بلا حدود نقطة صحية عند مدخل مدينة طويلة لاستقبال الوافدين الجدد وتزويدهم بالمياه وتوفير الرعاية الطبية. وتتم إحالة الحالات الأكثر خطورة إلى المستشفى المحلي الذي تدعمه منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ووزعت بسرعة ما كان متاحاً لديها: البطانيات والناموسيات والدلاء. وتقوم أيضاً بفحص سوء التغذية بين الأطفال الواصلين حديثاً، حتى يتمكنوا من تلقي الغذاء العلاجي على الفور والتسجيل في برنامجنا الغذائي للحصول على الرعاية الكافية.

 

اتخذت الحرب التي دامت عامين بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منعطفاً خطيراً في شمال دارفور في مايو/أيار 2024 عندما أصبح الحصار والقتال العنيف يشكلان تهديدات مميتة يومية للناس الذين يعيشون في الفاشر ومخيمات النزوح القريبة منها مثل زمزم. ومنذ ذلك الحين، ازداد العنف وازدادت المجاعة، وزادت حدة الوضع التغذوي خارج نطاق السيطرة كما أوضح العديد من أطباء بلا حدود. بينما تم الإعلان عن المجاعة في مخيم زمزم في أغسطس/آب الماضي من قبل لجنة مراجعة المجاعة في التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، فإن الاستجابة الإنسانية الهائلة اللازمة لكبحها لم تتحقق أبداً. ومع وصول الوضع المزري بالفعل إلى عتبة حرجة جديدة،

 

طالبت كافة المنظمات الإغاثية والأممية في التدخل العاجل لإيقاف الحرب في السودان، والتعجل في إرسال المساعدات الإنسانية الغذائية لولايات إقليم دارفور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى