تقارير

أجر مضاعف| كيف يتربح خفر السواحل الليبي من الهجرة غير النظامية؟

تقرير: سلمى نصر الدين 

حوالي 127 ألف اعترضهم خفر السواحل الليبي أثناء محاولات عبورهم البحر المتوسط من شمال إفريقيا باتجاه أوروبا خلال الفترة ما بين 2014 و2023. تُمارس عمليات إعاقة مراكب الهجرة بتمويل من الاتحاد الأوروبي لمنع تدفق المهاجرين إلى الشواطئ الأوروبية.

يُعيق خفر السواحل الليبي المراكب بدلًا من إنقاذها، ويمارس خلال تلك العملية أمورًا تتسبب في انقلاب المركب وغرق المهاجرين كإطلاق النيران باتجاهه أو سرقة المحرك، ما يتسبب في غرق المركب، خاصة وأنه بحسب منظمات أممية وإغاثية عدة تكون مراكب الهجرة المستخدمة المطاطية والتي يتم نفخها ويجلس فيها ما يزيد على 180 شخصًا وهي حمولة تفوق سعة المركب.

 

خفر السواحل الليبي يسرق محركات القوارب

في عام 2017، نحو 120 مهاجرًا فُقدوا في البحر المتوسط بعد ما سُرق محرك المركب؛ ما تسبب في غرقه.

بحسب شهادة مجموعة من الناجين الذين تمكنوا من الوصول إلى صقلية وتحدثوا مع المنظمة الدولية للهجرة، قالوا إن بعد عدة ساعات من إبحار المركب هجم عليهم مجموعة من الليبيين، والذين وصفوهم بأنهم قراصنة، لكن المنظمة الدولية للهجرة تعتقد أنهم مهربين.

سرق المهاجمين محرك المركب وتركوا المهاجرين في عرض البحر، بعدها بدأ المركب في الغرق.

 

قبل أيام، نشرت منظمة Sea Watch تغريدة على موقع X (تويتر سابقًا) صورة يظهر فيها مركب تابع لخفر السواحل الليبي يسرق فيها محرك لإحدى مراكب الهجرة.

وقالت المنظمة “نوثق بانتظام الحالات التي تشير إلى التعاون الوثيق بين ما يسمى بخفر السواحل الليبي والمهربين. هنا، يمكننا أن نلاحظ كيف تعترض سفينة تابعة لما يسمى بخفر السواحل الليبي الأشخاص المتنقلين وتسرق محركات قواربهم بعد ذلك”.

وأضافت “يتم بيع القوارب أو المحركات الفارغة المسروقة واستخدامها مرة أخرى للعبور الخطير. حلقة مفرغة لشبكة التهريب، التي يعزل الناس عنها. كما أن التكنولوجيا البالية تجعل العبور خطيرًا بشكل متزايد”.

 

سرقة محركات المركبات تظهر في أخبار عدة متعلقة بغرق مراكب الهجرة خلال الفترة من 2016 وحتى 2023، وتمارس العملية من قبل رجال ليبين، بحسب شهادات لمهاجرين ناجين من الغرق. ويُعتقد في أحيان عدة أنها مراكب تابعة لخفر السواحل الليبي.

في شهادة لـ حسن زكريا عمر، لاجئ سوداني في ليبيا، حاول عبور البحر المتوسط بين ليبيا وأوروبا عدة مرات قال إنه خرج في أحد أيام شهر ديسمبر من عام 2019 بصحبة عدد من المهاجرين وطالبي اللجوء في تمام الساعة 12 صباحًا إلى المنطقة الساحلية شمال غرب ليبيا، ليبحروا بواسطة مركب هجرة غير نظامية باتجاه أوروبا.

بعد 16 ساعة من الإبحار، ظهرت في السماء طائرة عسكرية، وبحسب إفادة حسن بأنها ليست ليبية، لكنها على ما يبدو أنها كانت مُخصصة للاستطلاع، إذ هجم بعدها بدقائق مركب تابع لخفر السواحل الليبي على القارب، ونقلوا المهاجرين لزورق تابع لهم.

وأشار حسن إلى أفراد خفر السواحل الليبي فكوا محرك المركب ثم أطلقوا النيران على القارب، واقتدوا المهاجرين إلى ميناء طرابلس.

 

 

ما يمُارسه خفر السواحل الليبي من سرقة لمحركات مراكب وقوارب الهجرة وتركها تغرق يُخالف اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار UNCLOS لعام 1982، والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ البحريين SAR لعام 1979، والاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر SOLAS لعام 1974، والتي تلزم الدول بإنقاذ حياة الأفراد المُهددين بالغرق.

وهي تُمارس ذلك بدعم مالي وفني من الاتحاد الأوروبي، وصل إجمالي الدعم منذ عام 2017 إلى 700 مليون يورو

 

قتل بموجب اتفاق

حوالي 28 ألف فقدوا حياتهم أثناء محاولاتهم عبور البحر الأبيض المتوسط، أغلب المفقودين هم في طريق وسط المتوسط، والذي عادة ما تكون نقطة الانطلاق منه هي ليبيا باتجاه إيطاليا.

وكان عامين 2015 و2016 هما العامان الأكثر دموية بحسب وصف منظمات أممية ومسئولين أوروبيون، إذ أن نحو 88% من الوفيات عام 2016 في البحر المتوسط وقعت في منتصفه، بحسب مشروع بيانات المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة.

وخلال هذا العام عبر حوالي 181 ألف شخص الطريق ما بين ليبيا وإيطاليا، ما دفع إيطاليا لتوقيع اتفاق مع ليبيا متمثلة في حكومة الوفاق الوطني بطرابلس، وهي الحكومة المُعترف بها من الاتحاد الأوروبي، لوقف تدفق الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط.

وبموجب الاتفاق الموقع بدأت عمليات الاعتراضات تزيد منذ توقيع الاتفاق مع إيطاليا، والذي ينُص في مادته الأولى على “بدء مبادرات التعاون وفقا للبرامج والأنشطة التي اعتمدتها ليبيا، متمثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني الليبية فيما يتعلق بدعم المؤسسات الأمنية والعسكرية “من أجل وقف تدفقات المهاجرين غير الشرعيين ومواجهتهم، بما يتفق مع ما تتوخاه معاهدة الصداقة والشراكة التعاون الموقّع أدناه بين البلدين والاتفاقات والمذكرة التفاهم الموقّع أدناه بين الطرفين”.

بالإضافة إلى “التزم الطرف الإيطالي بتقديم الدعم التقني والتكنولوجي للمؤسسات الليبية المكلفة بمكافحة الهجرة غير النظامية، والتي يمثلها حرس الحدود وخفر السواحل التابع لوزارة الدفاع والهيئات والإدارات المختصة في وزارة الداخلية”.

 

 

بعد توقيع الاتفاق بأيام، عُثر على جثامين 74 مهاجرًا على الشواطئ الليبية، غرقوا بعد ما سُرق محرك المركب الذي كانوا على متنه.

وقال جويل ميلمان المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة إن موظفا محليا أفاد بأن “المهربين جاءوا وأزالوا المحرك من القارب وتركوا المركبة على غير هدى”.

وأضاف: “هذا ليس فقط عددًا مروعًا من الوفيات في حادثة واحدة، لكنه يصدمنا على أنه شيء لم نشهد الكثير منه حقًا، وهو إما عقاب متعمد أو قتل مهاجرين”.

 

حماية الأرواح

يقول عصام حامد، المحامي المتخصص في ملف اللاجئين والأجانب في مصر، أن الحق في الحياة هو حق أساسي وغير قابل للانتقاص، وهو منصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) والمعاهدات الدولية الأخرى لحقوق الإنسان.

وأضاف حامد لـ المهاجر، أن المادتين 6 و2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تنصان أنه يقع على عاتق الدول “واجب توفير سبل انتصاف فعالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وأقاربهم”، بما في ذلك “واجب إجراء تحقيق سريع في الادعاءات المتعلقة بالانتهاك. من الحق في الحياة “بما في ذلك الموت والاختفاء.

وذكرت لجنة حقوق الإنسان في تقرير لها، أن “الحق في الحياة هو حق لا ينبغي تفسيره بشكل ضيق. يتعلق الأمر بحق الأفراد في التحرر من الأفعال والإغفالات التي يُقصد منها أو يُتوقع أن تسبب موتهم غير الطبيعي أو المبك، فضلاً عن التمتع بحياة كريمة”.

ولاحظت اللجنة كذلك أن التزام الدول بالاحترام يشمل الحق في الحياة التزامًا باتخاذ إجراءات في حالة التهديدات المتوقعة للحق في الحياة وفي المواقف التي تهدد الحياة، حتى عندما لا تكون الدولة هي السبب المباشر لتلك التهديدات والحالات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى