تقارير

الهجرة من إثيوبيا إلى السعودية: الهروب من نيران الحرب إلى الجحيم (1)

في قوارب صغيرة وغير مؤهلة للهجرة، يتجمع عشرات الأفراد بداخلها لعبور خليج عدن، هربًا من نزاعات وصراعات وجفاف أصاب الأراضي في إثيوبيا، سعيًا للحصول على فرصة عمل في دول الخليج.

إلا أن تلك الرحلة محفوفة بالمخاطر، فما بين سقوط المهاجرين ضحايا للمهربين والمتاجرين، والاحتجاز داخل مراكز في اليمن تابعة لجماعة الحوثي، يمارس فيها الاتجار بالبشر نظير اتجار سراحهم. ومن ينجو من كل تلك الأخطار ويستطع الهرب إلى الحدود السعودية- اليمنية محاولًا العبور للداخل السعودي، يقع ضحية لحرس الحدود السعودي، إذ وثقت منظمة هيومان رايتس ووتش عمليات قتل جماعي ارتكبها حرس الحدود السعودي ضد مهاجرين من أثيوبيا على الحدود مع اليمن.

 

نستعرض في التقرير التالي ما توصلت إليه المقابلات بين المهاجرين الناجين من عمليات القتل التي ارتكبها حرس الحدود السعودي ومنظمة هيومان رايتس ووتش

 

الهجرة بين إثيوبيا والسعودية

قابلت هيومن رايتس ووتش 42 شخصا، بينهم 38 مهاجرا وطالب لجوء إثيوبيًا حاولوا عبور الحدود اليمنية-السعودية بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023، وأربعة أقارب أو أصدقاء لأشخاص حاولوا العبور خلال الفترة نفسها؛ وحللت أكثر من 350 فيديو وصورة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أو جُمعت من مصادر أخرى، وصور من الأقمار الصناعية تغطي عدة مئات من الكيلومترات المربعة.

 

يُهاجر الإثيوبيين إلى السعودية بحرًا عبر خليج عدن ثم برًا من خلال اليمن، فيما يُعرف باسم الدرب اليمني للهجرة، بحسب ما وثقته هيومان رايتس ووتش يقع المهاجرين خلال تلك الرحلة ضحايا لشبكة من المهربين والمتاجرين بالبشر، بالإضافة لاختطافهم من السلطات اليمنية واحتجازهم، وضربهم وابتزازهم وعائلاتهم مقابل المال.

يكون عبور الحدود السعودية بشكل غير نظامي أو قانوني، من خلال عبور المنطقة الجبلية الفاصلة بين محافظتي صعدة اليمنية وجازان السعودية.

تُشير المنظمة في تقريرها لوجود ألغام أرضية على جانبي الحدود.

 

المهاجرون ضحايا عمليات اتجار بالبشر

يتواصل المهاجرين مع المهربين تليفونيًا لنقلهم من إثيوبيا إلى السعودية، ولكن البعض كان يذهب للقاء المهربين أثناء عمليات الهجرة، بحسب ما وثقته هيومان رايتس ووتش.

تقول حمدیة (14 عاما)، وهي من ھرارغي في أورومیا، إنھا غادرت إثيوبيا بسبب مشاكل مالية، وشرحت كيف تواصلت مع المهربين “ذهبنا إلى دير داوا (مدینة تابعة للإدارة الفدرالية في شرق إثيوبيا قرب الحدود الإقليمية بین أورومیا والصومال] ووقفنا في جوار البوابة ليرى المهربون إننا فقراء من ملابسنا. جاؤوا إلينا وسألونا إذا كنا نريد الذهاب إلى السعودية… أخذونا بالسيارة إلى جيبوتي.”

 

يدفع المهاجرون إلى المهربين عبر أجزاء، وهي من أثيوبيا إلى جيبوتي، ومن جيبوتي إلى عدن، ومن عدن إلى صعدة ثم لمخيم للاجئين في محافظة صعدة وحتى الحدود مع السعودية.

إلا الكثير من المهاجرين لا يستطيعوا دفع تلك الأموال، ويضطرون لاستكمال الرحلة بمفردهم داخل اليمن.

 

“طلب منا المُھرِّبون في جیبوتي دفع أجرة عبور البحر بالقارب. لم یكن معي نقود – غادرت المنزل على أمل كسب المال. لكنهم طلبوا مني دفع ألفي بير إثيوبي (37 دولار) وأبقوني في جيبوتي لأسبوع وضربوني يوميًا ولم يعطوني أي طعام. قالوا إن لم تدفعي لنا سنستمر بضربك. في اليوم الثامن عرفوا أنني لا أستطيع الدفع فأطلقوا سراحي”. تحكي حمدية ما واجهته مع المهربين أثناء رحلة الهجرة من إثيوبيا إلى السعودية.

 

ما قالته حمدية أكده ياماني، وھو شاب فرّ من دیاره في الرایا جنوب تیغراي بسبب النزاع المسلح في شمال إثیوبیا، وحكي كيف احتجزه المهربين عند وصوله لليمن وضربوه طلبًا للفدية، قائلًا “یُسجّلك المُھرِّبون، وعند عبور البحر، دائما یعینّون لك مھرّب. في إثیوبیا عندما تتواصل [عبرالھاتف] مع المُھرِّب، یعطونك رمزا وفي الیمن تعطي الرمز [للمُھرِّب الیمني]. يسألونك، “من ھو مالكك؟” أخذوني [المُھربون الیمنوّن] بالسیارة إلى مكان ما حول عدن. كان ھناك منزل، ووضعوني بداخله. كان ھناك تعذيب في المنزل. بدأوا يضربونني. اتصلت فورا بأسرتي في السعودية، وحولوّا لي المال. غادرتُ [المنزل] بعد أربعة أیام.

 

اتفق الأفراد الذين قابلتهم هيومان رايتس ووتش على أن رحلات الهجرة هددت حياتهم، إذ استغرقت ما يصل إلى 3 أيام من جيبوتي إلى اليمن عبر خليج عدن، تمت معظمها داخل قوارب مزدحمة دون مياه أو طعام.

كما وصف العديد ممنن تمت مقابلتهم سوء المعاملة والانتهاكات كالضرب من المهربين أو المتاجرين، وأشار البعض إلى اعتداء المهربين عليهم جسديًا لابتزاز عائلاتهم أو معارفهم لدفع الأموال.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى