تقاريرحقوق

تفاقم الأوضاع الصحية للنازحين واللاجئين في مخيم أم راكوبة بالسودان

داخل مخيم أم راكوبة بولاية القضارف السودانية بالقرب من الحدود الإثيوبية، حيث يُقيم 17 ألف و300 لاجئ وفقًا للمفوضية السامية لشئون اللاجئين، ينتظر الأشخاص الذين بحاجة ماسة للرعاية الطبية بصبر دورهم في مستشفى المخيم. أنشئ المخيم في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بعد تدفق الآلاف من اللاجئين الإثيوبيين.

منذ بداية الحرب في أبريل/نيسان 2023، وبسبب قلة الجهات الفاعلة الإنسانية، أصبحت منظمة أطباء بلا حدود المزود الرئيسي للرعاية الصحية الأولية والثانوية والطارئة الشاملة في المخيم. وقد استجبت لاحتياجات كل من اللاجئين والنازحين السودانيين، إلى جانب الطلب على الرعاية الصحية من المجتمعات المضيفة السودانية المحيطة.

 

أمهات على طريق النزوح

عايدة، أم سودانية تبلغ من العمر 29 عاماً من ود مدني، ترافق ابنها في علاجه. عندما اندلعت الحرب، هربت مع زوجها وأطفالها الستة. وتقول عايدة: “بعد ثلاثة أيام على الطريق، نزلنا في مبنى مدرسي تم إعداده كمأوى للنازحين مثلنا. كان ابني الأصغر يعاني من سوء التغذية لأننا لم نتمكن من العثور على ما يكفي من الطعام. لحسن الحظ، تبرع أشخاص من مسجد قريب ببعض المال لمساعدتنا في الوصول إلى مستشفى أم راكوبة. كان فريق أطباء بلا حدود هناك، وأنقذوا ابني”.

 

طارق لاجئة إثيوبية تبلغ من العمر 27 عاماً، ومثل عايدة، لديها احتياجات صحية: “هربت إلى السودان مع عائلتي واستقرينا في أم راكوبة. منذ وصولنا إلى المخيم، تلقينا أنا وعائلتي العلاج بشكل مستمر من قبل أطباء بلا حدود. وقبل مدة قريبة أنجبتُ ابني في جناح الولادة في المستشفى. أنا ممتنة للرعاية الصحية المقدمة لي ولطفلي”.

تمثل عايدة وطارق أصوات عدد لا يحصى من النساء على طريق النزوح. وهن أمهات ينتظرن يد العون لرعاية أطفالهن وتلبية احتياجاتهن الطبية.

 

تشرح حليمة جمعة، إحدى القابلات المتفانيات في المخيم، دورها في مساعدة النساء والأطفال: “نحن نقدم التثقيف الصحي حول النظافة والتغذية والرضاعة الطبيعية. كما نقدم المشورة بشأن تنظيم الأسرة ورعاية الطفل. ومع ذلك، فإننا نواجه تحديات مثل نقص الأدوية والإمدادات، مما يجعل عملنا صعباً. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإننا لا نزال ملتزمين بمهمتنا”.

بالإضافة إلى ذلك، قدمت فرق أطباء بلا حدود للنساء الرعاية الصحية الأساسية، بما في ذلك خدمات الصحة الجنسية والإنجابية والصحة النفسية، بالإضافة إلى الإحالات الطبية. وفي العام الماضي، قدم الفريق الطبي استشارات لـ 5534 مريضاً إضافة إلى خدمات تنظيم الأسرة لـ 2441 شخصاً وساعد في 507 ولادات.

 

مهمَلة، ولكن موجودة

عندما يفكر الناس في الاحتياجات الطبية في الحرب، فإنهم غالباً ما يتصورون الإصابات الناجمة عن القنابل أو الرصاص. لكن، هناك أيضاً عدد متزايد من حالات الطوارئ الطبية الناتجة عن مضاعفات الأمراض المزمنة أو تفشي الأمراض. نرى هذا بشكل مباشر في استجابتنا التي تعالج الاحتياجات الصحية كالأمراض المهملة مثل الكالازار، وكذلك سوء التغذية والملاريا.

 

وقال الدكتور فرانك كاتامبولا، المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في السودان: “لأكثر من عقد من الزمان، كانت منظمة أطباء بلا حدود في طليعة جهود العلاج والتشخيص والبحث فيما يخص الكالازار، لا سيما في شرق السودان. ومن عام 2010 إلى عام 2020، قامت أطباء بلا حدود بتشغيل مستشفى متخصص بالكالازار في المنطقة. خلال هذه الفترة، عالجنا ما يقرب من 7000 مريض وحققنا معدل شفاء مثير للإعجاب بنسبة 100٪ تقريباً”.

 

وتابع: “نواصل معالجة هذا المرض المهمل في استجابتنا الطبية في مستشفى مخيم أم راكوبة من خلال علاج المرضى بالأمبيسوم – وهو العلاج الأكثر فعالية وتكلفة للكالازار، والذي يتم حجزه في الغالب للحالات الأكثر تقدماً والمرضى الضعفاء”.

 

مع اقتراب السودان من موسم العجاف، لاحظت فرق المنظمة زيادة شهرية في عدد المرضى الذين يعانون من سوء التغذية الذين أُدخلوا في مركز التغذية العلاجية للمرضى الداخليين في مستشفى المخيم. وتجدر الإشارة إلى أنه في الفترة من مارس/آذار إلى أبريل/نيسان، كانت هناك زيادة بنسبة 3.1٪ في حالات سوء التغذية الحاد الشديد.

وأضاف الدكتور فرانك: “منذ يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان 2024، في قسم العيادات الخارجية في مستشفى أم راكوبة، فحص فريقنا 4389 طفلاً دون سن الخامسة وسجل 307 (7٪) أطفال يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد و320 طفلاً يعانون من سوء التغذية الحاد المتوسط. وقد تم قبول جميع هؤلاء الأطفال مباشرة في برنامج التغذية العلاجية”.

 

تعزيز الاستجابة، هناك شكوك؟

عمل فريق أطباء بلا حدود في مخيم أم راكوبة دون انقطاع كبير، وأنشأ أقساماً مختلفة لتلبية مجموعة واسعة من الاحتياجات الطبية. وتشمل هذه غرف الاستشارة، ورعاية المرضى الداخليين، ورعاية البالغين والأطفال، وجناح الولادة للنساء الحوامل والمواليد الجدد، وعيادة السل، ووحدة العزل. كما نتعامل مع الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.

 

يتأمل محمد محيي، من الطاقم الطبي في أطباء بلا حدود، الوضع الصحي بعد عام من بداية الحرب: “بقدر ما نستطيع تقديم الدعم في أم راكوبة للاجئين والنازحين والمجتمعات المضيفة، فإن ندرة الرعاية الصحية في مناطق أخرى من السودان عميقة جداً”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى