تقارير

النساء في السودان وغزة عالقات في جحيم حرب ليست من صنعهن

قالت ليلى بكر، المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية، إنها قلقة إزاء عدم إمكانية الوصول إلى النساء والفتيات المتأثرات من العنف في الحربين في غزة والسودان. ونبهت إلى عدم قدرة الصندوق على الوصول إلى شركائه الذين كان يتعامل معهم من قبل مما تسبب في انقطاع الخدمات الحيوية عن النساء والفتيات في غزة والسودان.

 

 مساعدة النساء في غزة ضئيلة

أضافت خلال حوار أجرته معها منصة أخبار الأمم المتحدة، قائلة: “نحن قلقون جدا على إمكانية التواصل مع هذه الفئات السكانية على مستوى الخدمات الصحية، وبالتالي نحاول إبراز هذه القضايا بهدف إيجاد الحلول لها وإيصال الخدمات وإنهاء الأزمات – ليس فقط بالشكل السليم وإنما بشكل كامل، وهذا يشكل صعوبة لأن الأزمات المتكررة هي التي تؤدي إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية وإطالة أمدها”.

أوضحت بكر أن إمكانية مساعدة النساء المتضررات في غزة في ظل الحصار والقصف الشديد ضئيلة، مشيرة إلى استشهاد أكثر من 10 آلاف امرأة بسبب الحرب، من ضمنهن نساء حوامل.

 

ولتكون الصورة أكثر وضوحًا قالت: قبل الحرب، كنا نعمل بالشراكة مع 36 مستشفى داخل القطاع، ونتعامل مع الولادة الآمنة وقضايا النساء المتعلقة بالصحة الإنجابية. أما الآن فهناك عشرة مستشفيات فقط تعمل بشكل جزئي.

 

واستفاضت: تسبب القصف المستمر في محو أكثر من ثلاثين ألف نسمة من على وجه الأرض، وهناك أعداد كبيرة من الجرحى تأتي إلى المستشفيات. فالمرأة الحامل التي تأتي إلى المستشفى – حتى ولو كانت لديها قابلية وإمكانية الوصول – فلم يتبق لرعايتها طبيب ولا ممرضة بالشكل الذي بنينا لأجله هذا النظام مع القطاع الأهلي في غزة خلال الـ 17 سنة الماضية. نحن حريصون على أوضاع النساء الحوامل والمرضعات، وأيضا جميع الفتيات.

وعندما يكون هناك مرحاض وحمام واحد لألف فتاة. فما هي إمكانيات الخصوصية لهذه الفتاة؟ وكيف يمكنها أن تتعامل مع هذا الوضع؟ يمكن أن يؤدي هذا إلى أمراض نفسية وجسدية – وعلى المدى الطويل – نخشى على قضايا الإنجاب بالنسبة لهؤلاء الفتيات. الوضع في غزة كارثي. لا زلنا نحاول أن ندخل المساعدات الإنسانية إلى المستشفيات التي لا تزال تعمل وإيصال بعض المستلزمات الصحية إلى الملاجئ والمواقع التي يقيم فيها الناس.

 

وعن الأسباب التي تزيد من صعوبة عمليات الإغاثة شرحت ليلى الوضع، قائلة:  الوضع الأمني داخل القطاع لا يسمح بدخول المساعدات الإنسانية العالقة في الأردن وفي مصر. إسرائيل – وهي الجهة القائمة بالاحتلال – مسؤولة عن إدخال كل المساعدات وحماية الناس تحت سلطة الاحتلال.

إمكانيات الوصول إلى القطاع تنحصر فقط في طريق العريش وطريق ممر الأردن في ظل عدم تجاوب المحتل أو التزامه بقضايا القانون الدولي الإنساني بحماية السكان داخل غزة والقصف المكثف والقتل المستهدف. لدى صندوق الأمم المتحدة للسكان موارد ومستلزمات طبية لإدخالها إلى غزة، ولكن من يستقبل هذه المساعدات كي يوزعها بأمان، مع وجود وقود وشاحنات ومخازن؟

للأسف التدمير المكثف في غزة لم يترك أي إمكانية لإدخال المساعدات الإنسانية. تتزايد الاحتياجات يوميا نتيجة النزوح القسري والقصف وفي الوقت نفسه تقل إمكانية الوصول إلى المساعدات ولا يمكن تلبية الاحتياجات بالشكل المطلوب. هناك ثلاثة أمور لابد من حدوثها.

  • أولا، لا بد أن تكون هناك هدنة دائمة وكاملة وليست هدنة إنسانية،
  • ثانيا، لابد من إدخال جميع الموارد والمساعدات الإنسانية، دون استثناء، وبدون أي قيود، للمحتاجين،
  • وثالثا، عدم السماح وعدم إجبار الناس على الهجرة القسرية خارج غزة.

 

 انتشار سوء التغذية بين الحوامل في السودان

تحدثت أيضًا المديرة الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة للسكان قائلة: إن السودان من بلدان العالم العربي التي لديها إمكانية أن تكون مكتفية ذاتيا وقائمة على أصول جيدة وتنمية مستمرة ومستدامة. الحرب الأخيرة مستمرة منذ سنة، ولكن المشكلة ليست منذ السنة الماضية وإنما بسبب التراكمات منذ آخر عشرين سنة، وعدم إمكانية التوصل للحلول الجذرية – وليس فقط الحلول السطحية – تسبب في مشكلة الأمن الغذائي.

وبالتالي تفاقمت مشكلة الأمن الغذائي مع بدء هذه الحرب. النساء هن المسؤولات عن عائلاتهن ويعطين الأولوية لأفراد العائلة. وعندما تكون كمية الغذاء ضئيلة يعطين الأولوية للأطفال والرجال. كما أعاقت العزلة المفروضة على بعض المناطق في السودان- نتيجة عدم الاستقرار وعدم الأمان- وصول المساعدات الإنسانية. نحن قلقون جدا من عدم فتح الحدود وعدم قدرة الأمم المتحدة على إيصال الغذاء لهؤلاء النساء – ليس فقط الحوامل منهن – وإنما للسكان بشكل أوسع، لأن المجاعة تهدد كل الناس. صحيح أن تخصصنا يتعلق بالنساء الحوامل، ولكن الهدف أن نفتح الحدود وألا تكون هناك قيود على إمكانية الوصول إلى الغذاء والمساعدات الإنسانية. وبدون ذلك سيكون من الصعب للغاية التعامل مع هذا العدد كي ننقذهم.

وعن العنف الجنسي في السودان، أكدت على أن  صندوق الأمم المتحدة للسكان يُدين أي حالة للعنف الجنسي أو العنف المبني على النوع الاجتماعي. نعمل مع الشركاء الوطنيين الموجودين على الأرض وقد عزلتهم الحرب وبات من الصعب التحدث إليهم أو التواصل معهم، وليست لدينا إمكانية الاستمرارية في تقديم الخدمات اللي بنيناها مع شركائنا داخل السودان عبر العشرين سنة الماضية.

تسببت الحرب في تدمير البنية التحتية والتهجير القسري للسكان من مناطقهم وخاصة الخرطوم. نسمع أن هناك حالات العنف الجنسي على الأرض، ولكن بدون وجود الجهات التي تحقق على الأرض في السودان بهدف التحقيق والتوثيق في هذه الحالات، للأسف، ليست هناك إمكانية تحقيق نوع من العدالة وأن نتعامل بشكل جيد مع هذه الحالات.

 

كيف يمكن التعامل مع الآثار طويلة الأمد التي تخلفها الحروب على النساء؟ 

 قالت بكر إن كل السكان المدنيين يدفعون الثمن باهظا بأشكال مختلفة. أما بالنسبة للنساء، تساءلت كيف يمكن للنساء والفتيات والشباب الشابات أن يكونوا عوامل إيجابية في حل النزاعات؟ لأنه عبر السنين ظلت مواقف الأطراف هي نفسها دون أن يكون هناك أي مجال للتحدث أو النقاش بهدف حل النزاع على أسس جديدة.

يمكن للنساء أن يصبحن عاملا إيجابيا نسبة لطريقة تعاملهن ودبلوماسيتهن في الكلام. نحاول أن نشجع هذا الخط. مثالا، عندما نتعامل مع النساء ونركز على المراكز الآمنة للنساء والفتيات نتعامل مع المجتمع المحلي على عدم تقبل العنف المبني على النوع الاجتماعي. هذا يساعدنا على كيف نربي الفتيات والنساء على عدم تقبل العنف بشكل عام والتعامل مع المجتمع المحلي في التوعية وحل النزاعات بطريقة سلمية، نحاول أن نشجع هذا الخط. وإدخاله مع الخطوط التي تتفق مع الحل النهائي، وإن شاء الله نتمنى ونأمل أن يحدث حل سريع قريب للشعب السوري والفلسطيني والسوداني كي يتمكن الشعب – بما فيه النساء والفتيات – أن يعيش بأمن وسلام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى